<strong><br><font face="arial"><font color="yellow">يعاني<br>المجتمع العربي من انتشار العلاقات غير السوية بين المراهقين، وخاصةً في<br>أوساط طلاب المدارس والجامعات، ومن أخطر هذه العلاقات الزواج العرفي.<br><br></font></font><font face="arial"><font color="yellow">ففي<br>الأردن أعلنت وزيرة التنمية الاجتماعية عن وجود 170 ألف حالة زواج عرفي<br>بين طلبة الجامعات، رغم أن قانون الأحوال الشخصية الأردني ينص في المادة<br>279 على معاقبة كل مَن يُجرِي عقدَ زواج بدون وثيقة رسمية؛ حيث يعاقَب<br>العاقد والزوجان والشهود بالحبس لمدة من شهر إلى 6 أشهر.<br><br></font></font><font face="arial"><font color="yellow">ونشرت<br>مجلة (منبر السودان) أن هناك تزايدًا ملحوظًا في عدد المتزوجات عرفيًّا من<br>طالبات الجامعة، فقد أثبتت الدراسات أن هناك 9620 طالبة سودانية متزوجة<br>عرفيًّا؛ وذلك لعدم توافر مأوى أو سكن مريح لهن، إلى جانب عدم قدرتهن على<br>توفير نفقات الدراسة.<br><br></font></font><font face="arial"><font color="yellow">وفي<br>مصر تشير الدراسات إلى أن نسبة الزواج العرفي بين طلبة وطالبات الجامعات<br>تجاوزت 20%، وتؤكد دراسات مركز البحوث الاجتماعية والجنائية أن عدد<br>المتزوِّجين عرفيًّا يفوق 400 ألف حالة في مصر، وأن هناك 15 ألف دعوى<br>لإثبات البنوَّة من الزواج العرفي والزنا تنظرها محكمة الأسرة.<br><br></font></font><font face="arial"><font color="yellow">وتوضح<br>دراسات المركز نفسه أن هناك 9800 عقد زواج يتم توثيقُه سنويًّا في قسم<br>الشرطة تصديقًا على عقود زواج عرفي؛ حيث يقوم أهل الفتاة بتحرير محضر في<br>قسم الشرطة يتهمون فيه الزوج باختطاف ابنتهم أو اغتصابها، ويقدِّمون ورقة<br>الزواج العرفي، وهنا يُضطَّر الزوج لتوثيق وإعلان زواجه خوفًا من التورُّط<br>في قضية اختطاف أنثى أو اغتصابها.<br><br></font></font><font face="arial"><font color="yellow">ويرى<br>الخبراء أن من أسباب انتشار هذا الزواج في مصر الاعتراف القانوني بقبول<br>دعوى الطلاق من الزواج العرفي، فقد ورد في المادة 17 من الفقرة الثانية<br>"تقبُّل دعوى التطليق أو الفسخ إذا كان الزواج ثابتًا بأية وثيقة كتابية".<br><br></font></font><font face="arial"><font color="yellow">وكذلك<br>اعتقاد الكثير من الشباب من ناقصي الفهم في مجتمعاتنا بأن هذا الزواج<br>صحيحٌ شرعًا ولكن ينقصه التوثيق، رغم افتقاده أركان الزواج الصحيح مثل<br>وجود ولي الزوجة، يضاف لذلك اعتبار الشباب أن الزواج العرفي طريق سهل<br>لإشباع الرغبات، فبمجرد ورقة يوقِّع عليها شاهدان عادةً من زملاء الجامعة<br>أو الأصدقاء يصبح الفتى والفتاة زوجَين، لهما كل حقوق الزوجية من وجهة<br>نظرهما، دون النظر للعواقب الوخيمة التي تتربت على مثل هذه العلاقات،<br>ومنها قضايا إثبات النسب التي تؤرِّق المحاكم المصرية وإهدار حقوق الزوجة<br>المعنوية والمادية وتدنِّي النظرة المجتمعية لها.<br><br></font></font><font face="arial"><font color="yellow">ويؤكد<br>هؤلاء الشباب أن هناك ضغوطًا قويةً تدفعهم- وخاصةً في سن المراهقة في<br>المدارس والجامعات- إلى هذه العلاقات السرية، منها الاختلاط في هذه<br>الأماكن، وصعوبة الزواج الشرعي وارتفاع تكاليفه بشكل لا يقدرون عليه، إلى<br>جانب ضعف الوازع الديني، وغياب الرقابة الأسرية، وتأثير أصدقاء السوء على<br>الشباب والبنات.. يضاف إلى ذلك عامل خطير، وهو سقوط المراهقين ضحايا لما<br>تبثُّه وسائل الإعلام وخاصةً السينما، وما تقوم به الفضائيات من إثارة<br>للشباب الذي يفقد أغلبُهم القدرةَ على الصبر والتحمُّل، فيلجأون إلى<br>الزواج السري بصورِهِ المختلفة.</font></font><br><br><font face="arial"><font color="yellow">[b][size=12]قصص مأساوية</font></font></strong><font face="arial"><font color="yellow"><br>ومن<br>اللافت للنظر أن الزواج العرفي رغم ما يسبِّبه من كوارث وخاصةً بالنسبة<br>للفتيات إلا أنه منتشرٌ بين طلاب المدارس الإعدادية والثانوية المختلطة،<br>والتي وقعت بها قصص مأساوية، وأبطالها مراهقون، سقطوا في شباك الزواج<br>العرفي، وانتهى مصيرُهم إلى صفحات الحوادث وإلى أقسام الشرطة، ومن ذلك:<br><br></font></font><font face="arial"><font color="yellow">قيام<br>(ع. أ) طالبة بالمرحلة الثانوية (ابنة ميكانيكي) بطعن زوجها (م . س) صبي<br>ميكانيكي يعمل عند والدها بطعنة في البطن كادت تودي بحياته، وقامت بعدها<br>بتسليم نفسها لقسم شرطة العمرانية، واعترفت بجريمتها وأنها حاولت قتْل<br>زوجها لأنه أوهمها أنه يحبُّها وشجَّعها على الهرب من أهلها، والإقامة معه<br>في شقة بالإيجار، وقاما بتحرير ورقة زواج عرفي احتفظ بها الشاب، وظلَّت<br>معه في هذا الوضع إلى أن شعر المراهق بالملل منها، فقام بإحضار فتاة أخرى<br>هاربة لتقيم معه، فنشبت مشاجرةٌ كبيرةٌ بينهما، وخاصةً بعدما رفض الشاب<br>إعلان زواجهما أو الاعتراف بالحمل الذي في أحشائها.. شعرت الفتاة بالذل<br>والضياع، فخرجت عن وعيها وطعنته بالسكين!!<br><br></font></font><font face="arial"><font color="yellow">وبأحد<br>الأقسام بمنطقة الدرب الأحمر تمَّ عقدُ قران (أ) طالبة بالإعدادية على (أ)<br>طالب بالمرحلة الثانوية بعد أن تقدَّم والد الفتاة ببلاغ للقسم، اتهم فيه<br>الطالب بالاعتداء على ابنته، وقدم الطالب ورقة زواج عرفي، وتمَّ توثيقُ<br>عقد زواج رسمي لهما في القسم؛ حيث اتجه كلٌّ من الزوجين بعد ذلك إلى منزل<br>أسرته، فكلٌّ منهما طالب ينفق أهله عليه!!<br><br></font></font><font face="arial"><font color="yellow">وكذلك<br>هروب (ص . ع) طالبة ثانوي (ابنة أستاذ جامعي ووالدتها طبيبة مشهورة) مع<br>نقَّاش حاصل على دبلوم تجارة كان يُبيِّض لهم "فيلتهم"، فوقعت الطالبة في<br>غرامه، وقرَّرا الهرب والزواج عرفيًّا، فتقدمت أسرتها ببلاغ لقسم الشرطة،<br>اتهمت فيه النقَّاش باختطاف ابنتهم، وأمام المأمور اعترفت الفتاة أنها لم<br>تُختَطَف، وأنها تزوَّجت النقَّاش عرفيًّا بإرادتها.</font></font><br><br><font color="yellow"><font face="arial"><strong>أحدث صيحة</strong><br></font></font><font face="arial"><font color="yellow">ورغم<br>الانتشار المخيف للزواج العرفي بين المراهِقِين من طلبة المدارس<br>والجامعات، إلا أن المتابع لأحوال وأقوال الطلبة يتأكَّد أن هذا النوع من<br>الزواج أصبح موضةً قديمةً، فقد ظهرت أساليب جديدة ابتكرها الشباب، مثل<br>زواج الكاسيت؛ حيث يقوم كل من الشاب والفتاة بتسجيل صيغة الزواج على شريط<br>كاسيت، وهكذا وبكل بساطة تنتهي مراسم الزواج.<br></font></font><font color="yellow"><br><font face="arial">أما<br>زواج الوشم فهو أسلوب غريب؛ حيث يتجه الشاب والفتاة إلى أحد مراكز الوشم،<br>ويقومان باختيار رسم معين يرسمانه على ذراعَيها أو على أي مكان بجسدهما،<br>ويكون هذا الوشم بمثابة عقد زواجهما.<br><br></font></font><font face="arial"><font color="yellow">ومن<br>زواج الوشم إلى زواج الدم، وهو حيلة ابتكرها الشباب أيضًا، في محاولةٍ<br>لإضفاء الشرعية على علاقاتهم الخاطئة؛ حيث يقوم كل من الشاب والفتاة بجرح<br>أصبع اليد وتركه ينزف وعندما يختلط دم الشاب بدم الفتاة فإن ذلك بمثابة<br>عقد الزواج بينهما!!<br><br>ومن هذه<br>"الهلاوس" أيضًا التي اخترعها الشباب زواج الطوابع؛ حيث يتفق الشاب<br>والفتاة على الزواج، فيقوم الشاب بشراء طابع بريد عادي ولصقه على جبينه،<br>وبعدها بدقائق تقوم الفتاة بلصق طابع مماثل على جبينها، وبذلك تنتهي مراسم<br>الزواج، ويسعى الأصدقاء بعد ذلك لتوفير مكان أو شقة للعروسين.</font></font><br><br><font face="arial"><font color="yellow"><strong>تمزق نفسي<br></strong></font></font><font face="arial"><font color="yellow">وتحذِّر<br>د. رضا إسماعيل- أستاذة الصحة النفسية بجامعة الأزهر- الشباب والفتيات من<br>حالة التمزُّق النفسي والانهيار التي تصيبهم إذا قاموا بمغامرة عاطفية غير<br>مضمونة بعيدة عن الإطار الشرعي للزواج. <br><br></font></font><font face="arial"><font color="yellow">وتقول-<br>محذِّرةً الفتيات بالذات-: إن معظم الشباب ينظرون إلى هذه العلاقات على<br>أنها مجرد تسلية لتضييع الوقت، في حين أن الفتاة بحكم تكوينها العاطفي<br>الفطري سرعان ما تصدق ذلك وتتعلق بقصص حب وهمية، وتتألم إذا ابتعد عنها<br>الشاب أو قاطعها، ولا تستطيع النوم، وتهمل دراستها وعملها، وتتأثر علاقتها<br>مع الله جرَّاء التفكير المستمر، ثم يلي ذلك الصدمة النفسية التي تصيبها<br>عندما تكتشف غدْرَ هذا الإنسان وخداعه لها، وتظل الفتاة تسدِّد ضريبة هذه<br>المغامرة من نفسيتها المدمرة ومن كرامتها وسمعتها وسمعة أهلها، ومن<br>إحساسها الديني بالذنب، ثم إحساسها أنها كانت مجرد لعبة أو تسلية في يد<br>شخص عديم الدين والخلق، ولذلك على الشباب والبنات أن يحذَروا بدء أيِّ<br>علاقة قبل الخطوة الرسمية (الخطبة)، وخاصةً مع انتشار الانحلال الأخلاقي<br>والزواج العرفي.<br><br></font></font><font face="arial"><font color="yellow">وتفسر<br>د. ابتسام عطية- أستاذة التربية بكلية البنات بجامعة عين شمس- انتشار<br>العلاقات قبل الزواج بين الشباب بأن هذا الجيل المظلوم يعاني من مشكلة<br>مزمنة وهي العنوسة، وتأخُّر سن الزواج وعدم قدرة الشباب أن يعفَّ نفسه،<br>ويحقِّق إشباعه العاطفي بالزواج المبكِّر؛ نظرًا لانتشار البطالة<br>والمغالاة في المهور وحالة الفقر التي يعانيها المجتمع كله؛ ونتيجةً<br>لافتقاد الشباب للإشباع المشروع ومع قوة هذه الاحتياجات وضعف الوازع<br>الديني، وضغط الإعلام وتلاعبه بأوتار الغريزة، بما يقدمه من أفلامٍ وأغانٍ<br>يتجه الشباب تحت هذه الضغوط الشديدة إلى هذه العلاقات الخاطئة دون النظر<br>إلى العواقب الوخيمة التي تصيب الفتاة بالانهيار النفسي الكامل؛ لأنها<br>بحكم تكوينها النفسي والعاطفي والجسدي أضعف من الشباب الذي يصاب عادةً<br>بمرض الشكّ وافتقاد الثقة في كل من حوله من البنات.<br><br>وتشدد<br>د. ابتسام على أهمية دور الأسرة والمسجد في تزويد البنات والشباب بالجرعة<br>الإيمانية التي تحميهم من الانزلاقات والانعطافات الخطيرة، إلى جانب ضرورة<br>توافر الحوار الأسري والصداقة بين الأم وأولادها؛ حتى تتمكَّن من مساعدتهم<br>في اجتياز أي أزمة عاطفية أونفسية يمرون بها.</font></font><br><br><font face="arial"><font color="yellow"><strong>خسارة دينية<br></strong>وتناشد<br>د. آمنة نصير- الأستاذة بجامعة الأزهر- كلَّ شابٍّ وفتاة أن يحترم تاريخ<br>حياته حتى يرتبط بزوجة أو زوج المستقبل، وأن يرفضوا أي علاقة لا تتفق مع<br>الشريعة وأحكامها؛ لأننا كمجتمع شرقي مهما تقدَّمنا ماديًّا وحضاريًّا فلا<br>يمكن أن نقبل ما يخالف شريعتنا، وستظلُّ كرامة الفتاة والشاب في التمسك<br>بالآداب الإسلامية.<br><br></font></font><font face="arial"><font color="yellow">وتلفت<br>نظر الأسرة إلى ضرورة القيام بدورها في تربية البنت والشاب حتى تجنِّبهم<br>تكوين علاقات منفلتة نهايتها الدمار النفسي والأخلاقي، وقد نهى الشرع<br>الحنيف عن هذه العلاقات لخطورتها على الفرد، إلى جانب أنها تلوِّث المجتمع<br>الإسلامي النظيف.<br>ـــــــــــــــــــــــــــــــــ<br>تحقيق: فاطمة عوض</font></font>[/size]